فضل صلاة البردين وأهميتها

صلاة البردين: معناها وأهميتها في الدين الإسلامي

تُعتبر صلاة البردين من الصلوات التي حظيت بمكانة خاصة في التراث الإسلامي، لما لها من فضل عظيم وأثر واضح في حياة المسلم، حيث وردت أحاديث نبوية كثيرة تتحدث عن أهميتها وأجرها العظيم. تسمية صلاة البردين جاءت من كون هذه الصلاة تتعلق بصلاتي الظهر والعصر، وهما الصلاتان اللتان يُشعر المسلم فيهما بالبرد خاصة في الأجواء الباردة، وهذا هو الأصل في التسمية، ولكنها أكثر من مجرد تسمية؛ فهي تحمل دلالات روحية وعبادية عظيمة تستحق التمعن والشرح.

تعريف صلاة البردين

صلاة البردين تعني أداء صلاتي الظهر والعصر مع المحافظة عليهما في وقتهما المحدد، وهو ما يميزها عن غيرها من الصلوات المفروضة. جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «ما من مسلم يصلي الظهر والعصر في وقتيهما إلا كانت له قرة عين يوم القيامة» (رواه الترمذي). ومن هذا الحديث يتضح أن صلاة البردين ليست مجرد تسميه بل هي عبادة مباركة تحقق للمسلم سكينة وقرباً من الله سبحانه وتعالى.

اللفظ “بردين” يشير إلى الصلاتين اللتين يُشعر فيهما المسلم بالبرد في العادة، حيث إن وقت الظهر عادة ما يصادف حرارة الشمس الشديدة، وبعدها يأتي العصر مع بداية انخفاض الحرارة، فالمسلم الذي يحافظ عليهما يشعر كأنه يشمل بردين، أي بردين في صلاة واحدة، ولهذا سميت الصلاة بهاتين الصلاتين معاً بـ”صلاة البردين”.

فضل صلاة البردين

للصلاة في الإسلام مكانة عظيمة، ولاسيما تلك التي أمرنا بالاهتمام بها والمحافظة على أدائها في أوقاتها. وصلاة البردين لها فضل خاص كما أشار النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق، فالاهتمام بأداء هاتين الصلاتين في وقتهما يجلب الراحة النفسية للمؤمن ويمنحه بركة في حياته.

من أهم الفضائل التي ترتبط بصلاة البردين:

1. قرة العين يوم القيامة: وهي من أعظم النعم التي يمنحها الله للمؤمنين، حيث أن من يصلي الظهر والعصر في وقتهما يحصل على راحة البال والطمأنينة في الآخرة.

2. الاحتساب عند الله: المحافظة على الصلاة في أوقاتها من علامات تقوى القلب وصدق العبد في علاقته مع ربه.

3. الوقاية من العقاب: فالامتناع عن أداء الصلاة أو تأخيرها بدون عذر يعد من الكبائر، وصلاة البردين تمنع المسلم من الوقوع في هذا الخطأ.

4. مغفرة الذنوب والارتقاء في الدرجات: الصلاة عماد الدين، والمداومة على أدائها في وقتها ترفع من مكانة المسلم عند الله.

حكم صلاة البردين في الفقه الإسلامي

بحسب الفقه الإسلامي، فإن صلاة الظهر والعصر من الصلوات المفروضة، والمواظبة عليهما في وقتهما من أركان الالتزام الديني والعبادي. الفقهاء اتفقوا على أن أداء هاتين الصلاتين في وقتهما فرض عين على كل مسلم بالغ عاقل.

تأخير الصلاة من غير عذر شرعي يُعتبر مخالفة لأمر الله، والله سبحانه وتعالى يقول في القرآن الكريم:

﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103]

وهذا يعني أن للصلاة أوقاتاً معينة يجب أداؤها فيها. في هذا السياق، صلاة البردين تلخص هذا الأمر من خلال التركيز على أهمية أدائهما في وقتهما، وبذل الجهد لتحقيق ذلك.

كيفية المحافظة على صلاة البردين

للمحافظة على صلاة البردين وضمان أدائها في الوقت المناسب، يحتاج المسلم إلى الانضباط والالتزام ببعض الأمور العملية التي تساعده على ذلك:

• تنظيم الوقت: اعتماد جدول يومي محدد يخصص أوقات الصلاة بدقة، وعدم الانشغال بالأمور التي قد تؤدي إلى التأخير.

• الاستعداد النفسي والروحي: تحضير القلب للعبادة والتذكر المستمر لقيمة الصلاة وأهميتها في الحياة الدينية والدنيوية.

• تجنب المماطلة: الابتعاد عن التأجيل والتسويف، فالصلاة من أفضل الأعمال التي يقبلها الله في وقتها.

• الحرص على حضور الجماعة: فإن الصلاة في المسجد مع الجماعة تزيد من الأجر وتُشعر المسلم بفضل الجماعة وروحانية العبادة.

العلاقة بين صلاة البردين والصحة النفسية والجسدية

لقد أثبتت الدراسات الحديثة أن الالتزام بالصلاة في أوقاتها المنتظمة يعود بفوائد صحية ونفسية عظيمة على الفرد، حيث إن الصلاة تعمل على تهدئة النفس وتخفيف التوتر والقلق، بالإضافة إلى حركات الركوع والسجود التي تفيد صحة الجسم بشكل عام.

صلاة البردين، كجزء من الصلاة المفروضة، تلعب دوراً بارزاً في تنظيم اليوم الروحي للمسلم، إذ تمنحه فترة راحة واستراحة روحية في منتصف النهار ومع بداية العصر، مما يساعد على استعادة النشاط وترتيب الأفكار.

صلاة البردين في الأحاديث النبوية

يؤكد الكثير من الأحاديث النبوية على فضل صلاة البردين وفضائلها، منها:

• حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد مسلم يصلي الظهر والعصر في وقتهما إلا كانت له قرة عين يوم القيامة» (رواه الترمذي).

• حديث آخر يرويه الإمام أحمد: «الظهر والعصر صلاتان في وقتين لا يجب تأخيرهما، فمن أداهما في وقتهما كان له قرة عين يوم القيامة».

هذه الأحاديث تدل بوضوح على أن المداومة على هاتين الصلاتين في وقتهما ليست فقط واجباً شرعياً، بل من أسباب السعادة في الدنيا والآخرة.

الخلاصة

صلاة البردين تعبر عن حرص المسلم على أداء صلاتي الظهر والعصر في وقتهما، وهي صلاتان تجمعان بين الأجر العظيم والراحة الروحية والنفسية. المحافظة على هذه الصلاة تعكس مدى التقوى والالتزام الديني الذي يسعى إليه كل مؤمن. من خلال فهم معنى صلاة البردين والحرص على أدائها، يستطيع المسلم أن يحقق تقارباً مع ربه ويكسب قرة العين يوم القيامة، وهذا بلا شك من أعظم النعم التي ينالها الإنسان.

جدول يوضح أوقات صلاة الظهر والعصر حسب الفصول

هذا الجدول يبين أن صلاة الظهر تبدأ مباشرة بعد زوال الشمس، وصلاة العصر تبدأ عندما يكون ظل الشيء ثلاثة أضعاف طوله تقريباً، ويختلف الوقت حسب تغيرات الفصول والأماكن.

المراجع

• صحيح الترمذي

• تفسير ابن كثير

• الفقه الإسلامي وأدلته – د. وهبة الزحيلي